المتحدثون المهرة.. سمات وخصائص
بقلم: JUBA
الثراء اللغوي :
حيث يحسن بمن يريد أن يقنع الآخرين بما لديه من أفكار وقناعات ومنتجات أن يسعى لزيادة الثراء اللغوي لديه ، بحيث يمكنه تناول المعنى الواحد بعدد كبير من الكلمات والمصطلحات ، وهذا يجعل الكلام منمقاً قوياً مؤثراً. كان ابن مقلة الخطاط ألثغاً لا يستطيع نطق حرف الراء ، فأراد بعض الناس إحراجه عند الأمير ، فطلبوا منه أن يقرأ رقعة ، وجعلوا ضمن سطورها عبارة ، كل كلمة فيها تحتوي على حرف الراء ، وهي : 'أمر أمير الأمراء أن تحفر بئـرًا على قارعة الطريق ليشرب منه الشارد والوارد'.فقرأ ابن مقلة هذه العبارة بصيغة أخرى وهي : 'حكم حاكم الحكام بأن يُجْعَلَ جُبٌّ على حافة الوادي ليستقي منه الغادي والبادي' .وهذه خطبة كاملة مشهورة لواصل بن عطاء - أحد خطباء العرب المشهورين – خلت كلها من حرف الراء، وهذا إن دل فإنما يدل على ثراء واسع ومعرفة عميقة باللغة، يقول:الحمد لله القديـم بلا غاية، والباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوه، ودنا فــي علـوه، فـلا يحويـه زمـان, ولا يحيـط به مكـان، ولا يؤوده حفظ ما خلق، ولــم يخلقه على مثال سبق، بل أنشأه ابتداعـاً، وعدله اصطناعــاً، فأحسن كـل شيء خلقه، وتمم مشيئته وأوضح حكمته، فدل على ألوهيته، فسبحانه لا معقـب لحكمـه، ولا دافع لقضائــه، تواضع كـــلّ شيءٍ لعظمته، وذل كــل شيء لسلطانه، ووسع كل شيء فضلــه، لا يعـزب عنــه مثقــال حبة وهو السميــع العليم. وأشهد أن لا إله إلا الله وحــده لا مثيــل له، إلهــاً تقدسـت أسماؤه، وعظمــت آلاؤه، علا عــن صفات كل مخلوق، وتنزه عن شبه كـل مصنــوع، فلا تبلغـه الأوهـام، ولا تحيط به العقول ولا الأفهام، يُعصى فيحلم، ويُدعى فيسمــع، ويقبـل التوبة عن عباده ويعفــو عن السيئــات ويعلم مـا يفعلون. وأشهــد شهــادة حــق وقولَ صــدق، بإخلاص ونيــة وصدق طوية، أن محمــدًا بن عبــد الله عبــده ونبيــه، وخالصتـه وصفيّـه، ابتعثـه إلى خلقه بالبينات والهدى ودين الحق فبلغ ونصح لأمته، وجاهد في سبيله، لا تأخذه في الله لومــة لائـم، ولا يصـده عنه زعم زاعم، ماضياً على سنته، موفيـاً علـى قصده، حتـى أتاه اليقيـن؛ فصلـى الله علـى محمـد وعلى آل محمـد أفضـل وأزكـى، وأتم وأنمـى، وأجـل وأعلى صلاة صلاها على صفوة أنبيائه، وخاصة ملائكته، وأضعاف ذلك، إنه حميد مجيد. أوصيكم عباد الله مع نفسي بتقوى الله والعمل بطاعته والمجانبة لمعصيته، فأحضكـم على ما يدنيكـم منـه، ويزلفكــم لديـه، فإن تقـوى الله أفضــل زاد، وأحسن عاقبة في معاد، ولا تلهينكم الحياة الدنيا بزينتها وخُدعها، وفواتــن لذاتها، وشهوات آمالها، فإنها متاع قليل، ومدة إلى حين، وكل شيء منهـا يزول، فكم عانيتم من أعاجيبها، وكم نصبت لكم من حبائلها، وأهلكت من جنح إليها واعتمد عليها، أذاقتهم حلواً، ومزجت لهم سماً.أين الملــوك الذين بنوا المدائـن، وشيـدوا المصانـع، وأوثقـوا الأبـواب، وكثفوا الحجاب، وأعدوا الجياد، وملكوا العباد، واستخدموا التلاد، قبضتهم بمخالبها، وطحنتهم بكلكلها، وعضتهم بأنيابها، وعاضتهم عن السعة ضيقاً، ومن العــز ذلاً، ومن الحياة فناءً، فسكنوا اللحود، وأكلهم الــدود، وأصبحـوا لا تعايـن إلا مساكنهم، ولا تجد إلا معالمهم، ولا تحس منهم من أحـد ولا تسمــع لهــم نبساً.فتزودوا عافاكم الله فإن أفضل الزاد التقوى، واتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون. جعلنا الله وإياكم ممن ينتفع بمواعظــه، وممن يستمع القول فيتبع أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب.إن أحسـن قصـص المؤمنيـن، وأبلـغ مواعـظ المتقيـن كتاب الله الزكية آياته، الواضح بيناته، فإذا تلي عليكم فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم تهتدون.. أعـــوذ بالله القوي من الشيطان الغــوي، إن الله هـو السميــع العليــم، بســم الله الفتـاح المنــان: 'قل هـو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد'. فهذه قدرة فائقة وبلاغة عالية، ودلالة على أن من أراد أن يمتلك زمام اللغة تملكه، بشرط أن تكون له رغبة وهمة وعزيمة.2 - الدقة ووضع النقاط على الحروف :إن المتحدث المقنع هو ذلك الذي يضع كل كلمة في مكانها المناسب ، فلا يستخدم الكلمات والعبارات جزافاً ، وإنما يدرك معنى الكلمة وأبعادها فيضعها في موقعها اللائق وموطنها المؤثر.سأل رجل رجلاً عن عمره قائلاً : كم سنك ؟ فقال : اثنان وثلاثون ، ستة عشر من أعلى ومثلها من أسفل . فقال : لم أرد هذا ، أردت : كم لك من السنين ؟ قال : ما لي منها شيء، كلها لله. فقال : هذا حسن ، ما سنك ؟ قال: عظم . فقال : ابن كم أنت ؟ قال : ابن اثنين ، أبي وأمي . فقال : أقصد : كم أتى عليك ؟ قال : لو أتى عليَّ شيء لقتلني . فقال: أرشدني كيف أقول: قال: قل: كم مضى من عمرك ؟وجاءت امرأة إلى أحد القضاة فقال لها : جا معك شهودك ( أي هل أتى شهودك معك ) ؟ فسكتت المرأة ، فقال الكاتب : يسألك القاضي : جا شهودك معك ؟ فقالت : نعم ، ثم التفتت إلى القاضي وقالت له: هلاَّ قلت أيها القاضي مثل كاتبك ، يا قليل الذوق ؟!وكتب بعض علماء الإمام مالك رحمه الله للإمام الشافعي رحمه الله: يا إمام ، ما تقول في الفرض ، وفرض الفرض ، وما يتم به الفرض ، وصلاة لا فرض ، وصلاة تركها فرض ، وصلاة بين السماء والأرض ، وصلاة في السماء والأرض ؟فكتب الشافعي رحمه الله تعالى: أما قول القائل : الفرض فهو الصلوات الخمس ، وفرض الفرض فهو الوضوء ، وأما قوله ما يتم به الفرض فهو صلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قوله صلاة لا فرض فهي صلاة الصغير قبل البلوغ ، وأما الصلاة التي تركها فرض فهي صلاة السكران ، وأما الصلاة التي بين السمـاء والأرض فهي صلاة سليمان عليه السلام ، وأما الصلاة التي في السماء والأرض فهي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة المعراج.3 - تجنب اللحن :إن اللحن في الكلام وكثرة الأخطاء النحوية تضعف الكلمة ، وتحطم الفصاحة ، وتخل بالمعنى ، وربما توقع في أخطاء شرعية وأخلاقية كبرى. نظرت ابنة أبي الأسود الدؤلي إلى السماء وهي تعجب من منظرها فقالت: ما أحسنُ ( بضم النون ) السماء، فقال أبوها: نجومها، فقالت: ما عن هذا أسأل، وإنما أعجب! فقال لها: إذن قولي: ما أحسنَ ( بالفتح ) السماء وافتحي فاك يا ابنتي.وصلى أعرابي خلف إمام فسمعه يقرأ: ” ولا تَنْكِحُوا المشركين حتى يؤمنوا “، بفتح التاء في كلمة ( تنكحوا ) وليس بضمها، فقال الأعرابي: ولا إن آمنوا أيضاً لن نَنكحهم! فقيل له: إنه يلحن وليس هكذا تُقرأْ، فقال: أخِّروه قبحه الله ، لا تجعلوه إماماً، فإنه يُحِل ما حرم الله.4 - الوضوح:فلا فائدة من كلام مبهم غير واضح ، ولقد كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم سهلاً ، فصلاً ، واضحاً، بيِّناً ، ظاهراً ، يفهمه كل من يسمعه ، وما كان يتقعر في كلامه ، ولا يتحدث بوحشي القول.فعن عائشة رضي الله عنها قالت : “ كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلاً يفهمه كل من يسمعه ”. ( رواه أبو داود )إن بعض الناس يتفننون في استخدام الكلمات الصعبة المعقدة المبهمة التي لا يفهمها إلا خاصة الخاصة ، ولذا ينفر الناس منهم ، ولا يقتنعون بكلامهم ، بل ويشعرون أن فيه استعلاء واستاذية وغرور وكبر وفلسفة مذمومة.إن الطلاسم لا تكون سبباً في إيجاد القناعة لدى الآخرين ، بل توجد التوجس وعدم الاطمئنان.. وإليك الآن ما قاله أحد الشعراء.. ترى هل ستفهم شيئاً مما قال ؟ وإذا لم تفهم هل ستقتنع بما يريد ؟يقول الشاعر:ومدعشـر بالقعقلين تحشرمت شـرافتاه فخـر كالخربعصلالهيكزوب الكيعزوب تههيـعت ربّ شكـاه بروكـف البعبعبلقراحف أعشاف هوب سكعبل يسعسعن لكن بالحرنش الزقعملويقول المتنبي وهو يمدح سيف الدولة الحمدانية بشعر جزل لطيف، إذْ مدحه بصيغة الأمر فقال:عـش ابــق اسـم سـد قـد جـد مر انه رف اسر نلغـض ارم اصـب احــم اغز اسب رع زع دل اثن بلوهذا دعاء لو سكتُّ كُفيتَـه ولكن سألتُ اللهَ فيك وقد فعلإنها كلمات جميلة ، وأبيات قوية ، وشعر جزل ، ولكن هذه الأبيات لو ذكرت في أيامنا هذه لما فهمها معظم الناس ولأصبحت أيضاً طلاسم ، وكلما زادت الطلاسم كلما علا الحاجز النفسي بين أصحاب الطلاسم وبين من يريدون إقناعهم، فيصبح الحوار بينهم أشبه ما يكون بحوار الطرشان.1 - الثراء اللغوي.2 - الدقة ووضع النقاط على الحروف.3 - تجنب اللحن.4 – الوضوح.ونتابع في هذا المقال تقديم بقية الصفات والخصائص، والتي منها:5 - الإيجاز:فقد أخرج البيهقي في ' شعب الإيمان ' عن الحسن البصري أنه قال: ' إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن، ثم أودع علوم القرآن في المفصَّل، ثم أودع علوم المفصل في الفاتحة، فمن عَلِم تفسيرها، كان كمن عَلِم تفسير جميع الكتب المنـزلة ' .ويقول العلماء: أنزل الله تعالى 104 كتب ، جمع معانيها في ثلاثة كتب : التوراة والإنجيل والقرآن ، وجمع معاني هذه الكتب الثلاثة في القرآن ، ثم جمع معاني القرآن في الفاتحة ، وجمع معاني الفاتحة في ' إياك نعبد وإياك نستعين' .فكثرة الكلام دليل على ضعف الكلمة وقلة التمكن من الفصاحة ، لذا تعلَّم أن تستخدم العبارات المركزة التي لا تحتاج فيها أن تلف وتدور كثيراً ، واحذر أن تكون كصاحب الجباعة ..رُوي أن أعرابياً كان له ابنٌ كثير الإطالة ، فلما عجز عن إصلاحه قال له يوماً: يا بني اختصر الكلام ، فقال الابن: أفعلُ إن شاء الله تعالى.ذهب الابن ذات يوم إلى السوق، فاشترى بعض الثياب، ثم عاد إلى والده ، فقال له الأب: ما هذا يا بني ؟ قال الابن : جباعة !! فقال الاب : وما جباعة من كلام العرب ؟! قال الابن: جبة ودراعة ، حيث أراد أن يختصر الكلام فأخذ أول حرفين من الكلمة الأولى ( جبة ) وآخر ثلاثة أحرف من الكلمة الثانية ( دراعة ) ، ثم دمج الأحرف الخمسة، فصارت ( جباعة ).فقال الأب: من أين اشتريتها ؟ قال الابن : من سوق ( بدلاً من أن يقول: من السوق ، حيث أراد الاختصار فحذف الألف واللام ).فقال الاب: يا بني أضف الألف واللام. قال الابن: من سوقال ( أضاف الألف واللام إلى آخر الكلمة).فقال الأب: يا بني قدِّم الألف واللام ، فقال الابن: ألف لام من سوق !! فيئس الأب من الابن واختصاره ، فقال له: يا بني والله ما أردتَ إلا الإطالة.وحكى الأصمعي فقال : بينما أنا في بعض البوادي إذا بصبي معه قربة فيها ماء قد غلبته وهو ينادي : يا أبت أدرك فاها ، لقد غلبني فوها ، لا طاقة لي بفيها .فقال الأصمعي : فوالله لقد جمع العربية في ثلاث .6 - التصوير النابض بالحياة:تأمل معي العبارتين التاليتين اللتين تتحدثان عن مأساة أطفـال العراق وانظر إلى الفرق بينهما:l العبارة الأولى: أطفال العراق اليوم يعانون آثار الحصار المريرة التي حولتهم إلى متسولين وكدَّرت عليهم طفولتهم.l العبارة الثانية: تأمل أولئك الأطفال الذين كانوا كالورود اليانعة ، تلمح في وجوههم نضرة الصحة والجمال ، فإذا هم اليوم يتسولون في المساجد والأزقة ، وينبشون بقايا النفايات للبحث عن لقمة تسد رمقهم.إن التصوير الفني الرائع في العبارة الثانية يضع الجمهور في شوارع عاصمة الرشيد ، ويجعلهم يتخيلون الحدث ويشعرون بحجم المعاناة.ومما يساعد المتكلم على هذا التصوير النابض بالحياة استخدام الأساليب البلاغية والبيانية مثل: التشبيه ، الكناية ، الاستعارة ، السجع ، المجاز ، ..إلخ .وكذلك فإن استخدام الشعر وبعض مقولات وعبارات الفصحاء والبلغاء عبر التاريخ يزيد من حيوية العبارات ويجعلها قوية مؤثرة نابضة بالحياة (1).7 - التحدث بطريقة الإثبات في اللغة:إن الفصحاء الذين يستخدمون الكلمة القوية يتحدثون بالإيجاب ، وعندما يرغبون في شيء ما فإنهم يستخدمون كلمات تتصل بدقة وإيجابية بما يتوقعون حدوثه .فعلى سبيل المثال ، لو فرض وأرادوا من عامل غير متحمس أن يكمل تقريره ، فبدلاً من استخدامهم لعبارة : “ لو أنك أنجزت التقرير الليلة فسوف نقيم لك حفلاً ” ، فإنهم يستخدمون العبارة: “ عندما تنجز تقريرك الليلة فسوف نقيم لك حفلاً ”.8 - التحدث بطريقة التأكيد:عندما يتكلم المقنِعُون الفصحاء فإنهم يصفون أنفسهم ومعتقداتهم وإنجازاتهم بصيغة فيها قدر كبير من اليقين والجزم والتأكيد الذي لا شك فيه ولا تردد.فعلى سبيل المثال ، بدلاً من قولهم: “ حسناً ، إنه مجرد رأي ، وبطبيعة الحال قد أكون مخطئاً ، ولكني أستطيع القول بأن... ” ، فإنهم يقولون : “ أعتقد أن هناك إيجابيات كثيرة في هذا الرأي ،... ”.وبدلاً من قولهم: “ أعتقد أن ذلك قد يفي باحتياجاتك ، وأرجو أن يمنحك ما تنشده ” ، فإنهم يقولـون : “ إن ذلك يفي باحتياجاتك تماماً، وإنني على يقين من أن ذلك سوف يوفر لك بالضبط ما تحتاجه ”.9 - تحمل المسؤولية :فالماهرون يتجنبون لغة تقديم كبش الفداء ، وبدلاً من أن يلقوا باللائمة على الآخرين أثناء الحديث فإنهم يمسكون بزمام الأمور ويتحملون المسؤولية.فعلى سبيل المثال ، بدلاً من قولهم : “ تلك ليست إدارتي ، يمكنك اللجوء لفلان ليقدم لك يد المساعدة ” ، فإنهم يقولون : “ سوف أساعدك بنفسي ، وسأكلِّم لك الشخص المسؤول على الهاتف ”.10 - ابتغاء المكسب المشترك :إذ يسعى هؤلاء الفصحاء المقنِعُون إلى استخدام لغة التعاون وتكاتف الجهود ، لذا تجدهم يتجنبون قاعدة المكسب لي والخسارة لك وللآخرين ، ويركِّزون على قاعدة المكسب للجميع ( فوز × فوز ) .فعلى سبيل المثال ، بدلاً من قولهم : “ أنا ” أو “ أنت ”، فإنهم يقولون : “ نحن ”.11 - التحدث بلغة متكاملة:فالمتحدثون المقنِعُون يوحون بالتكامل ، وذلك بتجنب العبارات التي تجعل الناس يشكُّون في مدى إخلاصهم وأمانتهم.فبدلاً من قولهم : “ حتى نلتزم الأمانة التامة ، علينا أن نزجر فلان على أدائه الرديء ” ، فإنهم يقولون: “ علينا أن نزجر فلان على أدائه الرديء ” ، دون أن يستخدموا كلمات فيها تشكيك في أمانة وإخلاص الآخرين .12 - تجنب اللوازم اللفظية وعبارات التردد واللعثمة:إن الفصحاء الذين يرغبون في التأثير في الآخرين يتجنبون اللوازم اللفظية ، أي استخدام كلمة أو عبـارة ثم تكرارها مراراً ، مثل تكرار: في الحقيقة ، أليس كذلك ، نعم ، أرأيتم ، آه ، حسناً ، في الواقع ،.. إلخ .13 - عدم الإكثار من أسئلة نهايات الجمل :وهي الأسئلة التي تأتي في نهايات الجمل ، مثل قولهم : “ هذه الخطة سوف تكلف كثيراً .. ألا تعتقد ذلك ؟ ”، مما يضفي ( في بعض الأحيان ) دلالة على عدم التأكد وانعدام المصداقية.14 - تجنب تسفيه الذات أو إلصاق الضعف والنقص إليها:مثل أن تقول: “ لست خبيراً في هذا المجال ، ولكن .. ” ، مما يدفع المستمع ويحرضه على الشك في كلامك وخبرتك ، ومن ثم عدم الإقتناع بما عندك من أفكار وآراء ومنتجات ، بل ورفضها.15 - عدم اللجوء كثيراً للكلمات المطاطة غير الملزمة:فبدلاً من أن تقول : “ أظن أن هذا الاقتراح يعجبني ” ، تقول: “ أنا يعجبني هذا الاقتراح ”.16 - تجنب الإفراط في التأسف والتودد والتذلل :إذْ الإفراط في التذلل والتأسف قد لا يكون مناسباً ، بل قد ينطوي ( أحياناً ) على الجبن وعدم الثقة ، فإذا أخطأت أو تسببت في إزعاج شخص ما فالاعتذار مناسب ومطلوب ، ولكن إذا بالغت وأكثرت من قولك : “ أنا أعتذر ، لقد فشلنا فشلاً ذريعاً ، نحن مقصرون ، نحن مجرمون ، ..إلخ ” ، فهذا غير مناسب ، والأفضل من ذلك أن تركز في حديثك على كيفية علاج المشكلة وعدم حدوثها مرة أخرى(2).كيف تكتسب الثراء اللغوي ؟1- حفظ القرآن الكريم وفهم معانيه.2 - قراءة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفهم معاني ألفاظه.3 - الإكثار من قراءة معاجم اللغة العربية والرجوع إليها.4 - الاستماع إلى محاضرات الخطباء والفصحاء ، وتسجيل بعض عباراتهم وكلماتهم المتميزة ، ومن ثم حفظها.5 - ممارسة الخطابة والإلقاء ، إذْ أن أحسن طريقة للتعلم التعليم.
---------------------------------------
الهوامش:-------(1) أحمد بن راشد بن سعيد ، فن الكلام ، دار جبل الشيخ للإعلام والنشر ، الرياض ، 1418هـ، ص 68-69
(2) هاري ميلز، فن الإقناع – كيف تسترعي انتباه الآخرين وتغير آراءهم وتؤثر عليهم ، مكتبة جرير ، الرياض ، 2004 ، ص 101-105
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق